أحدى الأشكالات التي وقع بها أتباع الطائفة السنية ولايكاد ينكرها أحد منهم ، هي ورود أحاديث وأحداث التبرك بالنبي(عليه السلام) وأثاره في كتبهم المعتمدة الرئيسية ، وقد وردت احداث التبرك المفترضة في حياة الرسول ، وبعد موته حيث نسبوا لبعض الصحابة التبرك بأثار الرسول .
ومنها ما رواه البخاري:
من حديث سهل بن سعد قال : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بِبُرْدَة ، فقالت : يا رسول الله أكسوك هذه ، فأَخَذَها النبي صلى الله عليه وسلم مُحْتاجًا إليها فلبسها ، فرآها عليه رجل من الصحابة ، فقال : يا رسول الله ما أحسن هذه فاكْسُنِيها ، فقال : نعم ، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامَـهُ أصحابه ، قالوا : ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذها مُحتاجًا إليها ثم سألته إياها ، وقد عَرَفْتَ أنه لا يُسْأل شيئا فيمنعه ، فقال : رَجَوتُ بَركَتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لَعَلِّي أُكَفَّن فيها .
وروى البخاري من طريق ثمامة عن أنس أن أم سليم كانت تبسط للنبي صلى الله عليه وسلم نِطْعًا فيقيل عندها على ذلك النطع . قال : فإذا نام النبي صلى الله عليه وسلم أخَذَتْ مِن عَرَقِه وشَعْرِه فجمعته في قارورة ، ثم جمعته في سُكّ . قال : فلما حضر أنس بن مالك الوفاة أوصى إليّ أن يُجِعَل في حَنوطه من ذلك السُّك . قال : فَجُعِل في حَنوطه . ورواه مسلم مُختَصراً .
قال ابن حجر في فتح الباري : قوله : " أخَذَتْ مِن عَرَقِه وشَعْرِه فجعلته في قارورة " في رواية مسلم : " في قوارير " ولم يَذكر الشعر ، وفي ذكر الشعر غرابة في هذه القصة ، وقد حمله بعضهم على ما ينتثر من شَعْرِه عند التَّرَجّل ، ثم رأيت في رواية محمد بن سعد ما يزيل اللبس ، فإنه أخرج بسند صحيح عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حَلَق شَعْرَه بِمِنى أخذ أبو طلحة شعره فأتى به أم سليم ، فجعلته في سُكّها . قالت أم سليم : وكان يجيء فَيَقِيل عندي على نَطع ، فَجَعَلْتُ أسْلُت العرق .. الحديث . فيُسْتَفاد من هذه الرواية أنها لما أخذت العرق وقت قيلولته أضافته إلى الشعر الذي عندها ، لا أنها أخذت من شَعْرِه لما نام . ويستفاد منها أيضا أن القصة المذكورة كانت بعد حجة الوداع ، لأنه صلى الله عليه وسلم إنما حَلَق رأسه بِمِنى فيها . انتهى .
هذا على سبيل المثال لا الحصر ﻷن الأدلة السنية المتفق عليها بينهم كثيرة، حيث يقول احد السلفيين عن التبرك بأحد اثار المنسوبة للنبي :" أثبت أولاً أن ذلك الأثر من آثاره صلى الله عليه وسلم ونحن نوافقك على التبرّك به ".
حيث أصبح من الواضح أن اختلاف متتبعي السلف مع المتبركين بأثار النبي هو صحة نسبة هذه اﻷثار للنبي (عليه السلام) وليس مشروعية التبرك من اﻷساس .
وهنا نقول ان ابتعاد الناس عن الله تعالى يقودهم الى البحث عن الماديات المنسوبة للأنبياء والصالحين ، فلماذا نتبرك بالقاذورات وافرازات الجسم البشري للأنبياء والصالحين ونترك التبرك بالله تعالى وكلامه في كتابه ودعاءه تعالى خالصاً ؟؟
ماذا يعني ان يعتقد انسان ان النجاسات التي تخرجها اجساد اﻷنبياء طاهرة ؟ الا يعني ذلك أنهم منزهين عن البشر ؟؟؟ الا يعني ذلك اننا نجعلهم من جنس اﻵلهة ؟؟؟
واذا كان التبرك جائز في جسد النبي فلماذا لايكون جائزا في اجساد باقي الأنبياء وباقي الصالحين واﻷولياء ؟؟ والخطأ يقود دوما الى خطأ أكبر يبنى عليه.
وهنا نجد أن طريق اخلاص العبادة لرب العالمين واضحا لايمر من خلال اجساد واثار عبيده ، ﻷن الله هو الرب وهو المقصود .......
امتنع أخي المسلم عن البحث والتبرك بالماديات المنسوبة للبشر، فالرب منزه عن ذلك ولايرضى أن تشركه مع احد من عبيده ولايوجد أحد مقدس سواه تعالى .
قال تعالى : "(1)أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاءَ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًاًً "